استيقظت على خبر تم نشره فى جميع الصحف المصرية وتشييره فى جميع صفحات الفيس بوك وملخصه أن عالماً مصرياً مغترباً اسمه د.جمال الدين إبراهيم، تم تعريفه بأنه أستاذ السموم بكاليفورنيا، وصف هذا العالم أستاذ السموم جهاز عبدالعاطى المعالج للإيدز وفيروس سى والذبحة والسكر والصدفية بأنه جهاز عبقرى يشفى بدون شكة أبرة، وأخذ يسهب فى مزايا الجهاز بالرغم من أن معلوماتى المتواضعة أنه لم يطلع على أى بحث بخصوصه، لسبب بسيط وهو أن المخترع وفريقه لم ينشروا أى بحث فى أى دورية علمية أو مؤتمر عالمى، كان كل من نشر الخبر على صفحته يعلق وكأنه فى غزوة أو موقعة حربية «انتصرنا، ظهر الحق، الله أكبر، انتو مش عايزين واحد عالم كبير من أمريكا أهو جبنا لكم عالم من جوه أمريكا»!! قرأت هذا الكلام وأنا أقول «مافيش فايدة، لا يريد هؤلاء أن يقتنعوا بأن البحث العلمى وإعلان العلاجات والأدوية ليس له إلا طريق واحد لا بد من عبوره وباب واحد لا بد من طرقه وأساليب معتمدة صارمة لا بد من اعتمادها ولو جاء مليون أستاذ سموم للترويج للجهاز لن يجدى هذا ولن ينفع ولن يقنع إلا رجل الشارع البسيط الذى يفكر بالتمنى وتحقيق أوهام الرغبة ولن ينجح عبر الإعلام إلا فى خلق رأى عام جماهيرى والعلم للأسف لا يقيم وزناً لرأى رجل الشارع ولا يعرف ما يسمى بالرأى العام بل يعرف فقط رأى المتخصصين المحكمين فى المجلات والمؤتمرات».. وبالطبع فهمت أن الآلة الإعلامية المروجة للجهاز، التى للأسف توقع بعض ممثلى المؤسسة العسكرية فى حرج شديد يزداد اتساعه وعمقه كالرمال المتحركة كلما أصروا على العناد فى موضوع علمى لا يعرف ولا ينفع معه العناد، هذه الآلة الإعلامية بعدما وجدت أن تصريحات العلماء اللى بجد والذين تعلموا قواعد الغرب العلمية اللى بجد مثل فاروق الباز وعصام حجى ومجدى يعقوب والتى انتقدت طريقة الإعلان الخاطئة وخطوات البحث الناقصة المفتقرة إلى الدقة، بعدما وجدت هذه الآلة الإعلامية أن تلك التصريحات ستزرع التفكير النقدى المطلوب والتشكك العلمى المشروع فى أذهان المصريين فقالت لننزل بثقلنا ونستورد عالماً مغترباً يزن الكفة ويستقطب الناس وكأننا أمام معركة فتوات ولسنا أمام مسئولية تقييم علمى لعلاج المفروض أنه سينقذ المصريين من أخطر مرض يفترس أكبادهم، ولكن المفاجأة كانت فى هذا العالم العبقرى الذى اكتشفت لماذا اختاروه هو بالذات للترويج الإعلامى للجهاز العلاجى لعبدالعاطى، ببساطة لأنه ينتصر للعلم المزيف على العلم الحقيقى ويخلط مصطلحات الدروشة بمصطلحات العلم ويريد تدعيم الخرافة وتقديمها وجبة شهية لنا برش بعض توابل العلم وبهارات الدين على الطبخة، هذا هو مستوى ما يقوله د.جمال الدين إبراهيم الذى قدموه لنا على أنه المنقذ المغوار لجهاز عبدالعاطى الجبار، وللتأكد افتحوا هذا اللينك لتجدوا العجب HTTPS://WWW.YOUTUBE.COM/WATCH?V=T-CHGTK_KCo استضاف ابن الشيخ الشعراوى د.جمال الدين إبراهيم فى برنامج فتحدث العالم أستاذ السموم بكاليفورنيا عن أن أحدث الأبحاث أثبتت أن إعفاء اللحية تزيد من القدرة الجنسية وتزيد من نسبة التستوستيرون (الهورمون الذكرى) الذى أكد الدكتور جمال أن العلماء قاسوه بالميكروجرام!! وبالطبع يرد عليه المذيع وهو يكاد يقفز من على كرسيه: «سبحان الله»!! وهكذا على يد د.جمال تحولت اللحية إلى فياجرا كما تحولت الكفتة على يدى المخترع عبدالعاطى إلى مضاد للإيدز! إنه نفس الفكر الذى جعل الكلام عن علاج كبد وإيدز يربطونه بأنه علاج قرآنى، ويروجون لإقناعنا بفاعليته لأنهم يقرأون عليه سورة الكهف عدة مرات قبل الاستعمال... إلى آخر هذا الكلام الذى اقتنع به ودافع عنه طبيب المفروض أنه أستاذ يعلم الأجيال!! للأسف.. المشكلة لم تعد مشكلة جهاز وقضية علاج ولكنها أصبحت مشكلة غياب فكر نقدى وغيبوبة تفكير علمى، وللأسف لا يمكن علاج فيروس الكبد إلا بعلاج فيروس المخ أولاً.